Loading...
رئيس مجلس الإدارة
د.حاتم صادق

المصرى اون لاينبوابة خبرية متخصصة

رئيس التحرير
قدري الحجار

محمد خميس.. الطبيب الذي عالج التاريخ بجمال الفن وروح الحضارة
د. احمد ابو العلا

د. احمد ابو العلا

في زمن تتزاحم فيه الأصوات وتتداخل فيه الصور، يطل علينا نموذج فريد يجمع بين دقة العلم وحس الفنان، بين منهج الطبيب وموهبة المرشد المحب لوطنه. الفنان والمرشد السياحي محمد خميس لم يكتف بأن يكون طبيب أسنان ناجحًا، بل اختار أن يعيد اكتشاف ذاته في ميدان آخر لا يقل سموًا: ميدان الحضارة المصرية القديمة، التي عشقها حتى بات أحد رواة جمالها وسفرائها إلى العالم.

بدأت القصة كما تبدأ معظم التحولات الكبرى… بكتاب. حين قرأ خميس في التاريخ المصري القديم، شعر أن بين السطور دعوة صريحة إلى الغوص في عمق الهوية. تحولت القراءة إلى شغف، والشغف إلى رحلة. صار يزور المواقع الأثرية بنفسه، لا كمجرد سائح بل كطالب معرفة يبحث عن أصل كل حجر، ووراء كل جدار يلمح حكاية أمة صنعت المجد بالحكمة والدهاء والفن.

ومن تلك الزيارات تولدت مبادرة "مصر جميلة"، التي أراد خميس من خلالها أن يشارك العالم ما رآه وما شعر به. لم يكتف بالحديث عن المعابد والتماثيل، بل جعل من كل زيارة رواية قصيرة تنبض بالحب والدهشة. عدسته كانت نافذته إلى القلوب، وصوته الهادئ حمل صدق العارف لا ضجيج الباحث عن شهرة.

ما يميز محتوى محمد خميس أنه لا يكتفي بالسطحيات، بل يستند إلى مصادر أكاديمية موثقة مثل موسوعة "مصر القديمة" للدكتور سليم حسن، ويستعين بخبراء في الآثار والتاريخ لضمان دقة كل معلومة يقدمها. هذا التوازن بين المتعة والمعرفة جعل مبادرته تحظى بثقة المتابعين من مختلف الأعمار، داخل مصر وخارجها.

ولأن الحضارة المصرية ليست مجرد ماضٍ يُروى بل رسالة تُعاش، جعل خميس من مبادرته منصة لنشر الوعي بأهمية الحفاظ على التراث، موجهًا رسائل حارة للشباب المصري تدعوهم لاكتشاف تاريخ بلادهم، والتعامل معه لا كمادة دراسية بل ككنز إنساني حي. أما بالنسبة للسياح، فقد وجدوا في "مصر جميلة" دليلًا بصريًا ذكيًا يجمع بين دقة المرشد وروح الفنان، مما أسهم في الترويج للسياحة المصرية بأسلوب عصري وراقي.

وفي جوهر تجربته، لا يبدو محمد خميس مجرد فنان أو مرشد سياحي، بل حارسًا لذاكرة وطن، يؤمن أن الجمال هو أقوى أدوات الدفاع عن الهوية. فبين عدسته وكلماته يمتد جسر من الضوء يربط الماضي بالحاضر، وينقل عبق المعابد إلى شاشات الهواتف، ليعيد للأجيال الشابة علاقة الحب التي كادت تنقطع مع حضارة أجدادهم.

لقد فهم خميس أن الحضارة لا تُروى فقط، بل تُمارَس وتُعاش، وأن كل فيديو يصوره هو دعوة مفتوحة للعالم كي يرى مصر بعين العاشق لا بعين السائح. هكذا تحوّلت مبادرته "مصر جميلة" من مجرد فكرة إلى حركة وعي وطنية، ومن محتوى رقمي إلى مشروع ثقافي ينطق باسم مصر في زمن الصورة والصوت.

إن تجربة محمد خميس تثبت أن حب الوطن ليس شعارًا، بل فعلًا مستمرًا يتخذ شكلاً يناسب صاحبه. هو الطبيب الذي اختار أن يعالج جهل الناس بتاريخهم، وأن يرمم في الوعي العام ما تهدم من صورة الحضارة المصرية في وجدان البعض. وبفضل جهوده ومبادرته، صار كثيرون ينظرون إلى مصر من جديد كما رآها هو… جميلة، عريقة، ومليئة بالأسرار التي لا تنتهي.

ومن هنا، نوجه دعوة صادقة إلى وزارة السياحة والآثار لتبني هذا النموذج الملهم، من خلال ترجمة أو دبلجة محتوى مبادرة "مصر جميلة" إلى لغات متعددة، ونشره على مستوى العالم عبر المنصات الرسمية، ليصل صوت مصر الحقيقي إلى كل بيت، وتُعرض حضارتها كما يقدمها أبناؤها بإخلاص وحب ووعي عميق بجمالها وخلودها.



تواصل معنا